الإنسان تتوزعه عاطفتان : عاطفة حب ذاته ، و عاطفة حب أمته، و الشخص البدائي هو الذي ينظر إلى الأمور مراعيا شخصيه فقط ، و الشخص الراقي هو الذي ينظر إلى ذاته و إلى أمته ، و يعطي هذه حقوقها ، بل هو إذا ارتقى جدا رأى خيره في خير أمته ، وخير أمته في خيره ، و توحد الأمران .
هذا الشعور بالواجبات الاجتماعية لا يخلق مع الإنسان يوم أن ولد ، و لكن المجتمع الذي يعيش فيه هو الذي يكونه و يربي عنده شعوره بالأمة بجانب شعوره بذاته ، و ذلك بواسطة التربية في الأسرة ، و في المدرسة ، و في الحياة الخارجية في المجتمعات ، هنالك الأمور كلها بشخصه ، وهي التي تعلمه النظام والترتيب ، وهي أنانية ، ألا يقيس الأمور كلها بشخصه ، وهي التي تعلمه النظام والترتيب ، وهي التي تمده بالقوة ليكبح جامح حبه الشديد لنفسه ، وهي التي تمده بالمعاني السامية ليشعر بأمته و يغار ويعمل لخيرها .
فإذا كانت روح الأمة قوية استطاعت أن تطبع الافراد بطابع قوي لخدمتها والتفكير فيها والعمل لخيرها ، وإذا كانت روح الأمة ضعيفة قويت روح الأنانية في الأفراد ولم يفكروا إلا في أشخاصهم .