لما كان القرآن كتاب هدايه ورحمة وشفاء كان واجباًً على المؤمن أن يتعاهده بالحفظ والقراءة، ولقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حتى يكون المؤمن متصلاً بسبب سعادته في الدنيا والآخرة.
عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(
الذى يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران ) متفق عليه.
ماهر به : يجيد تلاوته وفقاً لأحكام التجويد المصطلح عليه.
السفرة: الملائكة الذين يكتبون أعمال بنى آدم، وسموا كذلك لأنهم بكتابتهم سفرة بين الله تعالى وخلقه، وقيل هم الرسل لأنهم يسفرون إلى الناس برسالات الله.
الكرام : المكرمون لأنهم مطهرون من دنس المعاص.
البررة : المطيعون، من البر وهوالطاعة والإحسان.
يتتعتع : يثقل على لسانه ويصعب.
قال القاضى عياض وغيره من العلماء :
وليس معناه الذي يتتعتع عليه له من الأجر أكثر من الماهر به، بل الماهر أفضل وأكثر أجراً، لأنه مع السفرة، وله أجور كثيرة، وكيف يلحق به من لم يعتن بكتاب الله تعالى وحفظه وإتقانه وكثرة تلاوته وروايته كاعتنائه حتى مهر فيه ؟!.
عن عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(
لاحسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار) متفق عليه.
قال العلماء : الحسد قسمان حقيقيي ومجازى، فالحقيقي تمني زوال النعمة عن صاحبها، وهذا حرام بإجماع الأمة مع النصوص الصحيحة.
وإما مجازي فهو الغبطة وهو أن يتمنى مثل النعمة التي علىغيره من غير زوالها عن صاحبها،
فإن كانت أمور الدنيا كانت مباحة، وإن كانت طاعة فهي مستحبة، والمراد بالحديث: لا غبطة محبوبة إلا في هاتين الخصلتين وما في معناهما.
آناء الليل وآناء النهار: ساعات الليل وساعات النهار.