هذه قصة لفاطمة الزهراء مع زوجها علي كرم الله وجهه والعلاج النبوي لهما في إعانتهما في الأعمال المنزلية - حتى أن التاريخ لم يعرف امرأة جمعت الصبر والتقى كفاطمة الزهراء ابنة رسول الله (ص)، وحتى في الأيام الأولى من زواجها، حيث إنها بدأت تمارس أعمال البيت المرهقة وقتذاك لم يستطع زوجها الزاهد المجاهد على أن يستأجر لها خادمة تعينها في أعمال البيت، بل قال لأمه بنت أسد رضوان الله عليهما: اكفِ فاطمة بنت رسول الله (ص) الخدمة خارجاً وتكفيك هي العمل في البيت والعجن والخبز والطحن، غير أنه استبشر بوصول غنائم وسبايا إحدى الغزوات. ووجد ذلك فرصة مناسبة فقال لفاطمة: والله لقد تعبت من سقاية الماء من البئر حتى اشتكيت صدري وقد جاء الله أباك بسبْي فاذهبي فاطلبي خادماً. فقالت وأنا والله لقد طحنت حتى أثر ذلك في يدي. ثم أتت النبي (ص)، فقال «ما جاء بك وما حاجتك أي بنية؟». فقالت: جئت لأسلم عليك.. وأرخى عليها الحياء ستاراً فلم تطلب منه شيئاً وعادت. فقال لها علي: ما فعلت؟ فقالت استحيت أن أسأله فرجعت فقام علي وفاطمة وانطلقا في تهيب وتردد وحياء حتى أتيا رسول الله (ص) وشكيا له حالهما وطلبا أن يهب لها خادماً. فقال لهما النبي (ص): والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوي بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم ولكني أبيعهم عليهم. فرجعا وأتاهما النبي (ص) وقد دخلا في قطفتهما إذا غطيا رؤوسهما تكشفت أقدامهما وإذا غطيا أقدامهما تكشفت رؤوسهما فثارا قاما لاستقباله - فقال - «مكانكما» ثم قال «ألا أخبركما بخبر مما سألتماني»؟ قالا: بلى. قال «كلمات علمنيهن جبريل: سبحان الله في دبر صلاة عشرا وتحمدان عشرا أو تكبران عشرا وإذا أويتما إلى فراشكما تسبحان ثلاثاً وثلاثين وتحمدان ثلاثاً وثلاثين».
ومن الفضائل المباركة التي حظيت بها فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص) أن الله سبحانه وتعالى قد أكرمها بتكثير الطعام في بيتها، وذلك ببركة صدقها وكرمها ونقاء نفسها، فقد ذكرت المصادر أن جارة لها بعثت برغيفين وقطعة لحم فوضعت ذلك في حفنة وغطته وأرسلت ابنها إلى رسول الله (ص) لتطعمه فجاء وأحضرت الحفنة.. ولنترك الزهراء نفسها تروي بقية الحديث فتقول: فكشف عن الحفنة فإذا هي مملوءة خبزاً ولحماً فلما نظرت إليها بهت وعرفت أنها بركة من الله فحمدت الله وصليت على نبيه وقدمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه حمد الله وقال «من أين لك هذا يا بنية»؟ فقلت يا أبت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب. فحمد الله، وقال «الحمد لله الذي جعلك يا بنية شبيهة بسيدة نساء بني إسرائيل فإنها كانت إذا رزقها الله شيئاً - وسئلت عنه - قالت: هو من عند الله. إن الله يرزق من يشاء بغير حساب.. وأكل النبي (ص)- وعلي وفاطمة الزهراء والحسن والحسين وجميع أزواج الرسول (ص) حتى شبعوا جميعاً وبقيت الحفنة كما هي ثم وزعت فاطمة منها على الجيران.
لقد بلغت فاطمة بنت الرسول (ص) في الفضل والزهد والإنفاق مكانة لم تسبق إليها في نساء عصرها، فكانت تعطف على المساكين على حساب نفسها، كيف لا وأبوها النبي (ص) كيف لا وزوجها علي ابن أبي طالب رضي الله عنهما، كيف لا وابناها الحسن والحسين، وهذا الذي حدث مع زوجها والسائل، فتروي ذلك عائشة أم المؤمنين فتقول: وقف سائل على أمير المؤمنين علي فقال للحسن أو للحسين «اذهب إلى أمك فقل لها تركت عندك ستة دراهم فهات منها درهماً». فذهب ثم رجع فقال «قالت إنما تركت ستة دراهم للدقيق» فقال علي: لا يصدق إيمان عبد حتى يكون بما في يد الله أوثق منه بما في يده، قل لها ابعثي بالستة الدراهم فبعثت بها إليه فدفعها إلى السائل. فقال: فما حل حبوته حتى مر به رجل معه جمل يبيعه فقال علي: بكم الجمل؟ قال بمئة وأربعين درهما فقال علي: أعقله على أن نؤخرك بثمنه شيئاً فعقله الرجل ومضى. ثم أقبل رجل فقال: لمن هذا البعير؟ فقال علي: لي. أتبيعه؟ قال نعم. بكم؟ قال بمئتي درهم، قال: قد ابتعته، قال فأخذ البعير وأعطاه المئتين: فأعطى الرجل الذي أراد أن يؤجره مئة وأربعين درهماً وجاء بستين درهما إلى فاطمة - رضي الله عنها. فقالت ما هذا؟ قال: هذا ما وعدنا الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم. من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها.